تَختَلِف الكيفية، والدليل على اختِلاف الكيفية قوله تعالى في أهل النار:{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور: ١٣]، وقوله تعالى في أهل الجنَّة هنا:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}، فهذا دليل على أنهم يُساقون سَوْق إكرام.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن التَّقوَى سبَب لدُخول الجَنَّة؛ لقوله تعالى:{الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ}؛ ووجهُ ذلك: أن تَرتيب الحُكْم على الوَصْف يَدُلُّ على عِلِّيَّتهِ؛ يَعنِي: إذا رُتِّب الحُكْم على وَصْف دلَّ ذلك على أن هذا الوَصفَ هو عِلَّة الحُكْم، فالسِّياق إلى الجَنَّة هو سبَب التَّقوى؛ إذَنْ: تُفيد الآية أن التَّقوى سبَب لدُخول الجَنَّة، ويُؤيِّد هذا قولُه تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ... } إلخ [آل عمران: ١٣٣].
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن أهل الجَنَّة يَدخُلونها جماعاتٍ مُتفَرِّقةً؛ لقوله تعالى:{زُمَرًا}، وهذه الجَماعاتُ يَترَتَّب تَقديمها على حسَب أعمالهم الصالِحة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن أهل الجَنَّة إذا جاؤُوها لا يَجِدونها مَفتوحة الأبواب؛ لقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}، ولكن يَجِدونها مُغلَّقة، حتَّى يَشفَع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في فتح أبواب الجنَّة لداخِليها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن للجَنَّة أبوابًا، وقد ثبَتَ في الصحيح أن أبوابَها ثمانيةٌ (١).
ويَترَتَّب على هذه الفائِدةِ: ما ثبَت مِن أن رحمة الله تعالى سبَقَت غضَبَه، وأن عطاءَه أكبَرُ وأعظَمُ من مَنْعه؛ لأنَّ أبواب النار سَبْعة، وأبواب الجَنَّة ثمانية.
فإن قال قائِل: ما رأيُكم فيمَن قال: إن كُلًّا من الجَنَّة والنار جِسْم؟
(١) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، رقم (٢٣٤)، من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.