وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} بين جميع الخَلائِق {بِالْحَقِّ} أيِ: العدل، فيَدخُل المُؤمِنون الجَنَّة، والكافِرون النار]، قوله تعالى:{وَقُضِيَ} أي: حُكِم؛ لأن القَضاء مَعناه: الحُكْم.
وقوله تعالى:{وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}: {وَقِيلَ} أُبهِم الفاعِل؛ ليَكون أَعمَّ. يَعنِي: أن الله تعالى في تلك الحالِ يُحمَد من كل أحَد، ومن كل جانِب، ومن كل جِهة، والحمد هنا مَقرون بـ (أل) المُفيدة للاستِغْراق، واللَّام في قوله تعالى:{لِلَّهِ} للاختِصاص والاستِحْقاق، فإذا جعَلْنا الحمد للاستِغْراق شمِلت كلَّ أنواع الحَمْد، سواءٌ كان على كَمال الصِّفات أو على الإِفْضال والإِحْسان والإِنْعام، وإذا قُلنا: اللَّام في قوله تعالى: {لِلَّهِ} أنها للاستِحْقاق والاختِصاص تَبيَّن أن الحَمدَ المُطلَق لا يَستَحِقُّه إلَّا الله تعالى، ولا يَكون إلَّا لله تعالى اختِصاصًا، ولا يُحمَد به إلَّا اللهُ تعالى استِحقاقًا.
والفَرْق بين الحَمْد والمَدْح مع تَساويهما في الحُروف: أن المَدْح وَصْف بالكَمال، لكن لا يَستَلزِم المَحبَّة، وأمَّا الحمْد وهو وَصْف للكَمال مُستَلزِمٌ للمَحبَّة، فالله تعالى يُحمَد ويُمدَح، لكن الحَمد أَخَصُّ من المَدْح؛ لأنَّ المَدْح هو مُطلَق الثَّناء، وأمَّا الحمد فهو ثَناء مَقرون بمَحبَّة وتَعظيم.
قال رَحِمَهُ اللهُ:[ختَمَ استِقْرار الفَريقين بالحَمْد من المَلائِكة]، وهذا فيه نظَر، فليس من المَلائِكة فقَطْ، بل من المَلائِكة وغيرهم؛ ولهذا أُبهِم الفاعِل فقال تعالى:{وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.