الحَولُ من كل جانب؛ لأنهم لو أَحاطوا من جانِبٍ واحِد لم يَكونوا حول العَرْش من الجانب الخالي، فإذا كانوا حافِّين من حوله فلا بُدَّ أن يُحيطوا بجميع جوانِبه؛ ولهذا قال رَحِمَهُ اللهُ:[مِن كُلِّ جانِب].
قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} قال رَحِمَهُ اللهُ: [{يُسَبِّحُونَ} حال] يَعنِي: الجُمْلة هذه حاليَّة [من ضمير {حَافِّينَ}]؛ لأن {حَافِّينَ} اسم فاعِل، واسم الفاعِل يَتَحمَّل الضمير كما يَتَحمَّله الفِعْل.
والجمع بين التَّسبيح والحمد هو كَمال المُسبَّح والمَحمود؛ لأن بالتَّسبيح زوال النقائِص والعُيوب، وبالحَمْد إثبات الكمال، فيَكون الجَمْع بين التَّسبيح والحَمْد مُفيدًا لمَعنًى أكثَرَ ممَّا لوِ انفَرَد التسبيح أوِ انفَرَد الحمد.
فإن قال قائِل: قال بعضُ أهل العِلْم في قوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: إن التسبيح هنا للتَّلذُّذ لا للتَّعبُّد؛ لأنَّه لا تَكليفَ في ذلك اليومِ، فما رأيُكم؟
فالجَوابُ: رأْيُنا أن هذا قول باطِل، بل وللتَّعبُّد، ولكنهم يَتَلذَّذون بالعِبادة، يَعنِي: يَشعُرون بأنهم خاضِعون لله تعالى مُتذَلِّلون له.
وأمَّا قوله: لا تَكليفَ في ذلك اليومِ. فهو أيضًا باطِل، ففي ذلك اليومِ تَكليف؛ ألَيْسَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقول:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم: ٤٢]؟ ففيه تَكليف، ومَن نَفَى التَّكليف في ذلك اليومِ فقَدْ أَخطَأ وغفَل عن النُّصوص الدالَّة على أن فيه تَكليفًا.