أو للموضوع، ولو قدَّرنا: أَقْرَأُ بسم الله فاتَ التَّأخيرُ، لكنْ فائِدَةُ التَّأخيرِ هي الحَصْر والتَّبَرُّك بالبداءة باسم الله؛ ولو قلنا: بسم الله قِراءَتي فات أن يكون فِعْلًا.
[بسم الله الرَّحمن الرَّحيم] اسم: مفرد مضافٌ، والمفرد المضاف للعُمُوم، وعلى هذا فيكون المعنى: بكلِّ اسْمٍ من أَسْماء الله؛ لأنَّ المُفْرَدَ المُضافَ يكون للعُمُومِ.
والدَّليلُ على أنَّ المُفْرَدَ المضافَ يكون للعموم قولُه تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[النحل: ١٨]؛ فـ (نِعْمَة) مُفرد، ومع ذلك قال: تَعُدُّوا، لا تُحْصوا، فدلَّ هذا على أنها عامَّة في كلِّ نِعْمَة.
و (الباء) في قوله: [بسم الله] للاستعانَةِ والمصاحَبَة والمُلابَسَة يعني مُسْتَعينًا مُصْطَحِبًا مُتَلَبِّسًا باسم الله.
و (الله) عَلَمٌ على ذاتِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، خاصٌّ به، لا يسمَّى به غيْرُه، واختلف العلماء هل هو مُشْتَقٌّ أو جامِدٌ؟
والصَّحيح: أنَّه مُشْتَقٌّ، لقول الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الأعراف: ١٨٠] ولو جعلناه اسمًا جامِدًا لكان غيرَ دالٍّ على الوصف، بل كان عَلَمًا مَحْضًا، وحينئذ لا يكون دالًّا على الأَحْسَنِ، بل لا يكون دالًّا على الحُسْن فضلًا عن الأَحْسَن.
فالصَّحيح الذي لا شَك فيه: أنَّه مُشْتَقٌّ من الأُلوهِيَّة، وهي: التَّقَرُّب والتَّعَبُّد للمَأْلوهِ على وجه المَحَبَّة والتَّعظيم.
وأما قوله:[الرَّحْمن] فهو أيضًا عَلَمٌ على الله عَزَّ وَجَلَّ لا يُسَمَّى به أحدٌ غيره، فهو من أسماء الله الخاصَّة به، ولا يوصف به غيرُه، وهو مُشْتَق من الرَّحمة، وكان بصيغة: فعلان لدلالة هذه الصِّيغة على السَّعَة والامتلاء، فهو دالٌّ على سَعَةِ رحمة الله عَزَّ وَجَلَّ وشمولها لكلِّ شيء.