كل اسْمٍ مُتَضَمِّن لصفة، تساوت الأَسْماء والصفات، على أنَّ الاسم الواحِدَ يمكن أن يتضَمَّن عدَّة صفات، لكن لِنَقُلْ - على أدنى تقدير -: إنَّه لم يتضمَّنْ إلا صفةً واحدة، فإذا قلنا: كلُّ اسمٍ مُتَضَمِّن لصفة تساوت الأسماء والصفات، وهناك صفاتٌ لا يمكن أن يُشْتَقَّ منها أسماء، وهي كثيرة جدًّا، وبهذا تبيَّنَ أنَّ الصِّفاتِ أَوْسَعُ وأكْثَرُ من الأسماء.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لا يرضى الكُفْرَ للعباد؛ لأنَّه غيرُ لائقٍ بهم؛ إذ هم عباد الله، فاللَّائِقُ بهم أن يقوموا بطاعته وعبادته، ولا يليقُ بهم أن يكفروا به.
والرِّضا صفةٌ مِن صفاتِ الله الفِعْليَّة؛ لأنَّه مُتَعَلِّق بِمَشِيئَتِه، وكل وصفٍ يتعلَّق بمشيئة الله فإنَّه يُسَمَّى عند أهل السُّنَّة صفةً فِعْلِيَّة، وكل وَصفٍ معلَّقٌ بسبب فإنه من الصفات الفِعْلِيَّة؛ لأنَّه يُوجد عند وجود السَّبب، والحقُّ أنَّ الرِّضا صفةٌ حقيقية لله عَزَّ وَجَلَّ كالفَرَح والعَجَب والضَحِك، وما أشبه ذلك.
وزعم أهل التَّعْطيل أنَّ المراد بالرِّضا الثَّواب، ففسروه بشيءٍ بائنٍ عن الله مُنْفَصِلٍ عنه؛ مخافة أن تتعلَّق به الأفعالُ الاختياريَّةُ، وهذا من جَهْلِهِم؛ وذلك لأنَّنا إذا فسَّرْناه بالثَّواب، فالثَّوابُ لا يقع إلا بإرادَةٍ، والإرادة لا تكون إلا حينَ يُوجَدُ سبب الرضا، وحينئذٍ تكون الإرادَةُ حادِثَةً، فهم فَرُّوا من شيء ووقعوا في مِثْلِه، مع تحريفهم للنُّصوص بِصَرْفِها عن ظاهرها، وتَعْطيلهم للصِّفَة التي دلَّ عليها النَّصُّ؛ فهذه ثلاثَةُ محاذيرَ.
فالذين يُحرِّفون الكَلِم عن مواضِعِه يقعون في ثلاثَةِ محاذيرَ: