المحذور الأوَّل: أنَّهُم وقَعوا في مِثل ما فرُّوا منه، فإن كان ما فرُّوا منه محذورًا، فما وقعوا فيه محذور.
الثاني: أنَّهُم حرَّفوا النَّصَّ عن ظاهره، صرفوه إلى معنًى آخر.
الثالث: أنَّهُم عطَّلوا الله عن الصِّفَة التي دلَّ عليها النَّصُّ الذي حرَّفوه، فهم - مثلًا - عطَّلوا الله عن صفة الرِّضا، وحرَّفوا النَّصَّ عن ظاهره، ووقعوا فيما فرُّوا منه، وهكذا في جميع الصِّفات التي حرَّفوها عن ظاهرها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنه لا تَلازُم بين الرِّضا والإرادة، وجهه أنه قال:{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} مع أنه أَخبر في آيات كثيرة: أنَّ الكفر واقعٌ بإرادته، قال تعالى:{وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا}[الأنعام: ١٢٥] فإذا جمعنا بين هذا وهذا، عَرفنا بأنه لا تَلازُم بين الرِّضا والإرادة، فقد يُريد ما لا يَرضاه، وقد يَرضى ما لا يُريده، فهو - مثلًا - يرضى من كل واحدٍ من النَّاس أن يَشْكُر لله، وهل أراد ذلك؟ لا.
فالله يرضى من الكافر أن يُسْلِمَ ولكنه لم يُرِدْ أن يُسْلِمَ؛ فلا تلازم، فإنه قد يوجد الرضا بلا إرادة وتوجد الإرادة بلا رضًا ويوجد رضًا وإرادة؛ فالكافر يرضى الله منه أن يسلم، ولا يرضى الكفر، ويرضى الشكر؛ فيرضى من هذا الكافر أن يشكر ويؤمن، لكن هل أراد الله أن يشكر المؤمن؟ لو أراد الله لوقع.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: الإشارةُ إلى أنَّ الكُفْر غيرُ مَرْضِيٍّ لله، في قوله:{لِعِبَادِهِ} والعبد يجب أن يكون مؤمنًا بِسَيِّده، مطيعًا له، فكيف يكون عبدًا ثم يكفر به؟!
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: فضيلة الشُكْر، وأنَّ الشاكر يَنالُ رضا ربه؛ لقوله:{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}، وقد جاء في الحديث: "إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ الْأَكْلَةَ