و (الواحِدُ القهَّار) غَفَلَ عنه ذلك الشَّخْصُ، والعياذ بالله! مع أنَّ الأنداد لم تَنْفَعْه ولم يتضرَّع إليها حين أصابه الضُّرُّ، ومع ذلك يُقْبِلُ عليها وَيدَعُ من أَنْعَمَ عليه.
{وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا} شركاءَ، والأندادُ جَمْع: نِدٍّ، والنِّدُّ هو المُسَامِي لنِدِّه؛ المُماثِلِ له فيجعل لله أندادًا في العبادة، فيعبد هذه الأصنام كما يعبُدُ الله عَزَّ وَجَلَّ، يَنْذِرُ لها كما يَنْذِر لله، يذبَحُ لها كما يذبح لله، وهكذا.
قال رَحِمَهُ اللهُ: [{لِيُضِلَّ}: بفتح الياء وضَمِّها {عَنْ سَبِيلِهِ} دين الإسلام].
قال تعالى:{أَنْدَادًا لِيُضِلَّ} اللَّامُ هذه إمَّا أن تكون للتَّعليل، وإما أن تكون للعاقِبَة، فإن كانت على قراءة الفَتْح (لِيَضِلَّ) فاللَّامُ للعاقِبَة؛ يعني: جعل لله أندادًا أدَّتْ به إلى الضلال، وإن كانت بِضَمِّ الياء (لِيُضِلَّ) فاللام للتَّعليل؛ يعني: جعل لله أندادًا ليَقْتَدِيَ به النَّاسُ فيَضِلُّوا.
والآية فيها قراءتان:(لِيَضِلَّ) و {لِيُضِلَّ} فيَضِل تعود إلى نفسه، ويُضِل تعود إلى غيره، وهاتان القراءتان كلتاهما صحيحة، وكل واحدة تفيد معنًى يُكمِل معنى الأخرى، فهو يَضِلُّ بِنَفْسه، ويُضِلُّ غَيْرَه أيضًا.
فإن قال قائل: هل يمكن نقول: إنَّ قِراءة {لِيُضِلَّ} أقربُ مِن قراءة (ليَضِلَّ)؟
فالجواب: لا، لكن يمكن أن نقول: لا شكَّ أن يُضِلَّ متعدٍّ ضلالُه للغير، لكن إذا قلنا: إنَّه ضَلَّ أوَّلًا ثم أضَلَّ ثانيًا يكون مجموع القراءتين فيهما فائِدَةٌ لا تحصل بانفراد إحداهما.
ولام العاقبة تأتي في اللُّغَة العَربيَّة، كما في قوله تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}[القصص: ٨] فهل آلُ فرعون التقطوا موسى من أجل أن