للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: فأعطيناه إنعامًا لا يستقيم به الكلامُ؛ لأنَّ الإنعامَ فِعْل الله، والمُعْطى هو النِّعْمَةُ، وليس فِعْل الله، فإبقاءُ الآية على ظاهرها لا شَكَّ أنَّه هو الموافق للواقِعِ.

وقوله: {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ}: (مِن) هنا للابتداء أي: نِعْمَةً صادرةً من الله عَزَّ وَجَلَّ يتبيَّن بها أنها فضلٌ مَحْضٌ من الله.

قوله رَحِمَهُ اللهُ: [{نَسِيَ} تَرَكَ {مَا كَانَ يَدْعُو} يتضَرَّعُ {إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} وهو الله].

فانظر - يا أخي - كان يتضَرَّعُ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ في أن يَكْشِفَ عنه الضُّرَّ، فلما كشَفَ الله عنه الضُّرَّ وأعطاه نِعْمَةً زائدة على كَشْفِ الضُّرِّ ماذا تكون حالُه؟ قال تعالى: {نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ}.

قوله: {نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} النِّسيانُ هنا بمعنى الغَفْلَة وليس المراد به: ذُهُولَ القَلْبِ وإنما المرادُ: الغَفْلَة المتَضَمِّنَة للتَّرْك، ومن ذلك قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٤, ٥] أي: غافلون عن صلاتِهِم.

وقوله: {إِلَيْهِ} الضَّميرُ يعود على الله عَزَّ وجَلَّ، و {مَا} تعود على الله؛ ولهذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [فـ (ما) في موضع (مَن)].

(ما) في قوله: {مَا كَانَ يَدْعُو} في مَوْضِعِ (من)؛ يعني: مرادُ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: أنَّ (ما) بمعنى (من) أي: نَسِيَ من كان يدعو إليه من قبل، يعني مَن يُوجِّهُ الدُّعاء إليه، أو كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [يتضَرَّعُ إليه] وهو الله عَزَّ وجَلَّ، فغَفَلَ، وكأنَّ الله ما أنعم عليه بِكَشْفِ الضُّرِّ وتَخْويلِهِ النِّعْمَةَ.

قوله: {نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا} الأندادُ لم يَغْفُلْ عنهم،

<<  <   >  >>