يقول رَحِمَهُ اللهُ: [بَقِيَّة أَجَلِك {إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}] الجملة هذه مؤكَّدة بـ (إنَّ) يعني: ومهما تَمَتَّعْتَ فمآلُكَ إلى النار {إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} وأصحاب النار إنما تُطْلَقُ على الذين يُخَلَّدون فيها، فالمؤمِنُ العاصي وإن كان يَسْتَحِقُّ العذابَ بالنار، فإنه لا يُسَمَّى من أصحابِ النار؛ لأنَّ الأصل في الصُّحْبَة: طولُ المُلازَمَة، هذا الأصْلُ في الصحبة؛ طولُ المُلازَمَة، إلا في مسألة واحدة هي الصَّحابة مع الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، فلو اجْتَمَع بالرَّسول - صلى الله عليه وسلم - مُؤْمنًا به ولو لَحْظَةً صار من أصحابه.
يقول تعالى:{النَّارِ} هي الدار التي أعدها الله عَزَّ وَجَلَّ للكافرينَ، وقد بيَّن الله تعالى في الكتاب، وبَيَّن رسولُه - صلى الله عليه وسلم - في السُّنَّة ما فيها من أنواع العذاب؛ قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}[النساء: ٥٦].
أعوذ بالله! يُصَبُّ فوق رأسه من عذاب الحَميمِ؛ الماءِ الحارِّ الشَّديدِ الحَرارَةِ {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}[الدخان: ٤٩] وهذا من باب التَّهَكُّم به؛ {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}. يعني: وأين عِزَّتُكَ وأين كَرَمُك في الدنيا؟! يرى نَفْسَه سيِّدًا شريفًا، ولكنه في الآخرة يُهانُ إلى هذه الإهانَةِ.
المهم: أنَّ أَنْواعَ العذابِ في النار شيء - والعياذ بالله - إذا تصوَّرَهُ الإنسان فإنه يتَبَيَّنُ له شِدَّةُ ما يلاقي هؤلاء من العُقُوبة الشَّديدَة؛ نعوذ بالله من النار.