للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الكلام صادِرٌ إما عن جهل وإما عن رِدَّةٍ، والعياذ بالله.

فإذا قال: إنَّهم يؤمنون بالله يقولون: الله عَزَّ وَجَلَّ هو الكاشِفُ للضُّرِّ، وهو المدبِّر للأمور!.

قلنا: هذا لا يَنْفَعُهُم، ولهذا تجد عند العامَّة لمَّا التبس عليهم هذا الأمْرُ تجدهم إذا قيل لهم: إنَّ تارِكَ الصَّلَاةِ كافِرٌ، قالوا: كيف يكون كافِرًا وهو يشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله، فأين الكُفْرُ؟

فيقال: ليس كلُّ من شَهِدَ بهذا يكون مُؤْمنًا، فالمنافقون يأتون إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} ويؤكِّدونَ هذا، فيؤكِّدُ الله عَزَّ وَجَلَّ كَذِبَهُم، فيقول: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١]؛ فهم وإن شهدوا بألسنتهم فهم كاذبون بقلوبِهِم.

وعلى كلِّ حال: هذه الآيَةُ تدلُّ على أنَّ مُجَرَّد اعتراف الإنسان بالرَّبِّ لا يُخْرِجُه عن الكفر.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يجيب دعوة المُضْطَرِّ، ولو كان كافرًا؛ لقوله: {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ}.

فإن قال قائِلٌ: كيف يجيب الله دَعْوَتَهُ وهو كافر؟

قلنا: هذا من آثار سَبْقِ رَحْمَتِه لِغَضَبِه؛ فإنَّ رَحْمَتَه سبقت غضبه، فالكفر موجِبٌ للغضب، والضَّرورة موجبة للرَّحْمة، فتَسْبِقُ الرَّحمةُ الغضبَ، فيجيبه الله عَزَّ وَجَلَّ، وهذا كإجابَةِ المظلومِ ولو كان كافرًا، المظلومُ تُجابُ دَعْوَتُه ولو كان كافرًا إقامةً للعَدْلِ، وانتصارًا للحق؛ قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمعاذِ بْنِ جَبَلٍ: "اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا

<<  <   >  >>