الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أن هؤلاء الكفَّار يَحْرِصون على أن يَضِلَّ النَّاسُ بِفِعْلِهِم؛ لقوله:{لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} على قراءَةِ الضَّمِّ في قوله: {لِيُضِلَّ}.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنه كما يكون الاقتداءُ بالقَوْل يكون الاقتداءُ بالفِعْل؛ لأنَّ هذا الكافر جعل لله أندادًا، وكان جَعْلُه للأنداد سببًا لضَلالِ غَيْره.
ويتفرَّع على هذا فائِدَة: وهي: تَحْذيرُ الإنسان - ولا سيما القُدْوَة - من المخالفة؛ لأنَّ النَّاس سوف يَقْتَدون به ويَحْتَجُّون بِفِعْلِه؛ فمثلًا طالِبُ العِلْم: إذا قام إلى الصَّلاة يُكْثِر الحرَكَة، فمرةً يَحُكُّ رَأْسَه، ومرةً يَحُكُّ ظَهْرَه، ومرةً يَحُكُّ بَطْنَه، ومرةً يَعْرُكُ عَيْنَه، ومرةً ينْظُر ساعَتَه، ومرةً يكتب ما تذَكَّرَ في صلاتِهِ؛ إذا كان هذا طالِبَ العلم ويفعل هذا الشَّيْء؛ فإن النَّاس سوف يقتدون به، ولو أُنْكِرَ على واحِدٍ من النَّاس كَثْرَةُ الحَرَكَة لقال: فلان يَفْعل.
ولهذا أحيانًا نُنْكِرُ على بعضِ النَّاس المعامَلاتِ الرِّبَوِيَّةَ التَّحَيُّلِيَّةَ، فيقولون: فلان يفعل كذا، ممن هو من طَلَبَة العلم؛ فالنَّاس يَحْتَجُّون، وهذه الآية تدل على أنَّ الاقتداءَ يكون بالفعل؛ لقوله:{وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} ولم يقل: ودعا النَّاس ليُضِلُّوا عن سبيل الله، بل جعل فِعْلَه سببًا لضلال النَّاس، وهذا يدلُّ على الاقتداء بالفِعْل كالقَوْل.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: وأما على قراءة الفَتْحِ: (ليَضِلَّ) فيؤخذ منه فائِدَة، وهي: أنَّ جَعْلَ الأندادِ لله ضلالٌ؛ لقوله:(ليَضِلَّ عَنْ سَبيلِهِ).
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: تهديد هؤلاء الكفَّار الذين اتَّخَذوا من دون الله الأنداد؛ تؤخَذُ من قوله:{قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ}، وقد بيَّنَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صِفَةَ هذا التَّمَتُّع فقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ}[محمد: ١٢] البهائِمُ {وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}.