للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الدنيا مهما طالَتْ فهي قليلة ولا تُنْسَب للآخرة؛ ولهذا قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى: ٤]؛ ويقول للعموم: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ١٦، ١٧]؛ وقال النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "لمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" (١) (السَّوْطُ): عصًا قَصيرة؛ (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها) من الدنيا؛ أي: الدنيا كلُّها منذ النشأة إلى قيامِ الساعة بما فيها من الزخارف واللَّهْوِ والزِّينَة؛ ولهذا قال: تمتَّعْ قليلًا؛ فهذه المتعة للكافِرِ، وإن كان ينال شَهْوَتَه هي قليلةٌ زمنًا، وقليلةٌ كَمِّيَّةً، وقليلةٌ كَيْفِيَّةً.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الكُفَّار ملازمون للنار لا يخرجون منها؛ لقوله: {أَصْحَابِ النَّارِ} لأنَّ الصاحِبَ هو المُلازِمُ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مُخاطَبَة الإنسان بما يليق بحالِهِ، فهذا الكافر المعانِدُ الذي بدَّلَ نِعْمَةَ الله كُفْرًا يخاطَبُ بهذا الخطاب القاسي، وهو: {تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} بينما لو كانت المسألَةُ مسألةَ دَعْوَةٍ ما قابلناه هذه المقابَلَة، فلا نقول لمن ندعوه للإسلامِ: {تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} لكنْ نَقُولُهُ لمن عانَدَ وكابَرَ وبدَّلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إثباتُ النار؛ لقوله: {إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}، ويجب علينا في إثبات النار شيئان:

الأول: إثباتُ وُجُودِها الآن، وأنها موجودة، فإن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - عُرِضَتْ عليه الجنة


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل الله، رقم (٢٨٩٢)، من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>