للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعُرِضَتْ عليه النَّار في صلاة الكُسُوفِ (١) وشاهدها، ورأى من يُعَذَّب فيها، رأى فيها امرأةً تُعَذَّب بِهِرَّةٍ حَبَسَتْها حتى ماتَتْ، ورأى فيها صاحِبَ الْمِحْجَنِ، والْمِحْجَن عندنا في اللُّغَة العامِّيَّة (مِحْجان) عَصًا مَحْنِيَّة الرأس، هذا الرجل يَمُرُّ بالحُجَّاج فيَشْبِك متاعَ الحَاجِّ برأْسِ المِحْجَنِ، فإن تفطَّنَ له صاحب المتاع؛ قال: والله، هذا المِحْجَنُ أَمْسَكَ به، وإن لم يَتَفَطَّنْ له أخذه، فرآه النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يُعَذَّبُ في النار بِمِحْجَنِه، وهو يصلي صلاةَ الكُسُوف، ثم تأخَّرَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، تأخر مخافَةَ أن يُصيبَه من لَفْحِ النار، إذن: فرُؤْيَتُه إيَّاها حِسِّيَّة؛ هذا واحد.

الشَّيْء الثاني: يجب أن نُؤْمِنَ بأنَّ النار مُؤَبَّدَةٌ أَبَدَ الآبدينَ يُعَذَّبُ فيها أهلُها، ما هم عنها بمُخْرَجِينَ، وهي مؤبدة دائمًا؛ لأنَّ الله تعالى ذكر تأبيدها في ثلاثَةِ مواضِعَ من القرآن:

الموضِعُ الأول: في سورة النساء؛ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: ١٦٨، ١٦٩].

والموضع الثاني: في سورة الأحزابِ، في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب: ٦٤, ٦٥].

والموضع الثالث: في سورة الجِنَّ؛ في قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: ٢٣].


(١) أخرجه مسلم: كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، رقم (٩٠٤)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>