للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله رَحِمَهُ اللهُ: [{آنَاءَ اللَّيْلِ} ساعاتِهِ]؛ وقوله: [{سَاجِدًا وَقَائِمًا} في الصَّلَاة] نَعَم؛ {سَاجِدًا وَقَائِمًا} نصَّ على السجود وعلى القيام دون الرُّكوع والقعود؛ لأنَّ السُّجودَ شريفٌ بِهَيْئَتِه، والقيامُ شريفٌ بذِكْرِهِ؛ فالسُّجُود شريفٌ بهيئَتِه؛ لأنَّ أَفْضَلَ هَيْئَةٍ للمُصَلِّي أن يكون ساجدًا، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ لِرَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ" (١)، والقيامُ شريفٌ بذِكْرِهِ، فالقرآنُ كلام الله، وكلام الله تعالى أَشْرَفُ الكلام؛ فلهذا نَصَّ على هذين الرُّكْنَيْنِ من أركان الصلاة: القيام، والسجود.

وكان الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا سجد يُسْمَعُ لصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزيزِ المِرْجَلِ (٢)؛ أي القِدْرِ الذي يَغْلي.

وكان عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا قام لا يَمُرُّ بآية رحمةٍ إلا سألَ، ولا بآية وَعيدٍ إلا تَعَوَّذ، ولا بآية تسبيحٍ إلَّا سَبَّح (٣).

وهذا يدلُّ على أنَّ القائِمَ في اللَّيل ينبغي له أن يلاحِظَ هذا، يلاحظ قوة الخُشُوع في حال السُّجود والبكاء، ويلاحِظُ أيضًا حُضُور القلب أثناء القراءة ليتابع إذا مَرَّ بآية رحمةٍ سألَ، وبآية وعيدٍ تعوَّذ، وبآية تسبيح سبَّح قائمًا وقاعدًا {سَاجِدًا وَقَائِمًا}.

وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} أي: يخافُ عذابَها، {وَيَرْجُو رَحْمَةَ} جَنَّةَ {رَبِّهِ}] فهنا قوله: {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} هذه حال؛ أي: حالَ كونه يحذر الآخِرَة، وحالٌ


(١) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (٤٨٢)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٢٥)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب البكاء في الصلاة، رقم (٩٠٤)، والنسائي: كتاب السهو، باب البكاء في الصلاة، رقم (١٢١٤)، من حديث عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه -. ولم يرد تخصيص السجود إلا في رواية النسائي في السنن الكبرى رقم (٥٥٠).
(٣) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم (٧٧٢)، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>