للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} هذه من الآيات القليلة اللَّفْظِ الكثيرةِ المعنى؛ لأنَّه يمكن أن تُطَبِّقَها على كلِّ عِلْم، لكن هل هذا العلم مَحْمودٌ أو مذموم؛ فعلى حَسَبِ الحال؛ أي لا يستويانِ كما لا يستوي العالم والجاهل.

وفي حاشية الجمل: "قوله: بتخفيف الميم؛ أي: فالهمزة للاستفهام الإنكاري، كما سيشير له بقوله: أي لا يستويان، وما: اسم موصول بمعنى الذي، مبتدأٌ في محلِّ رفعٍ، خبره محذوف قدَّرَهُ بقوله: كمن هو عاصٍ، وقوله: {هُوَ قَانِتٌ} جُمْلَة اسْمِيَّة صلة الموصول، وقوله: {سَاجِدًا وَقَائِمًا} حالان من قانت، وقوله: {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} حالٌ أخرى متداخِلَة أو مترادِفَة، أو جملة استئنافِيَّة معترضة.

وقوله: [بمعنى بل]؛ أي: التي للإضراب الانتقاليِّ، والهمزة؛ أي: التي للاستفهام الإنكاريِّ، وعلى هذه القراءة تُرْسَمُ الميم في النون كرَسْمِها على قراءة التخفيف، وهذا اتِّباعًا لخطِّ مُصْحَفِ الإمام كما يؤخذ من الجَزَرِيَّة (١) وشَرْحِها لشيخ الإسلام، وهذا بالنَّظَرِ لرَسْمِ المصحف، وأما في غيره فتُرْسَمُ ميمًا مفصولةً من ميم (مَنْ) كما في عبارة الشَّارِحِ، و (من) على هذه القراءة مُبتدأٌ أيضًا، والخبر مُقَدَّرٌ كما تقدَّمَ في الإعراب بِعَيْنِه على القراءتين لم يختلف، وقوله: لا يستويان. أي: القانِتُ والعاصي، فهذا تفسيرٌ للنَّفْي المستفاد من همزة الإنكارِ في قوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} سواء مُصَرَّح بها على القراءة بها والتي في ضِمْنِ أم على الثانية، وقوله: كما لا يستوي العالم والجاهل تفسيرٌ لقوله: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} إلى آخره، فالاستفهام فيه أيضًا إنكاري". انتهى.


(١) المقدمة الجزرية (ص ١٩).

<<  <   >  >>