أحدهما: أنَّها همزةُ الاستفهامِ دَخَلَتْ على (مَنْ) بمعنى الذي، والاستفهامُ للتقريرِ، ومقابِلُه محذوفٌ، تقديرُه: أمَنْ هو قانتٌ كمَنْ جعل لله أندادًا، أو أَمَنْ هو قانِتٌ كغيرِه، أو التقدير: أهذا القانِتُ خيرٌ أم الكافرُ المخاطَبُ بقوله: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا} وَيدُلُّ عليه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} فحَذَفَ خَبَرَ المبتدأِ أو ما يعادل المُسْتَفْهَم عنه، والتقدير أنَّ الأَوَّلانِ أَوْلَى لقِلَّةِ الحَذْفِ.
والثاني: أنْ تكونَ الهَمْزَةُ للنِّداء، و (منْ) منادى، ويكون المنادى هو النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو المأمور بقوله:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} كأنه قيل: يا مَنْ هو قانتٌ، قل كَيْتَ وكَيْتَ.
وأمَّا القراءة الثانية فهي (أم) داخلةً على (مَنْ) الموصولة أيضًا فأُدْغِمَتِ الميمُ في الميم، وفي (أم) حينئذٍ قولان:
أحدهما: أنَّها متصلةٌ، ومعادِلُها محذوفٌ، تقديرُه: آلكافِرُ خيرٌ أمِ الذي هو قانِتٌ.
والثاني: أنَّها منقطعةٌ فتُقدَّرُ بـ بل والهمزةِ؛ أي: بل أمَنْ هو قانِتٌ كغيرِه أو كالكافِرِ المقولِ له: {تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ} ". انتهى (١).
فتَبَيَّن لنا أن قوله:(لا يستويان) أي: القانت والكافر كما لا يستوي العالِم
(١) الدر المصون في علوم الكتاب المكنون للسمين الحلبي (٩/ ٤١٤ - ٤١٦).