فإن قال قائِل: هل يَلزَم من ذلك أن يَكونوا في درَجة واحِدة؟
قلنا: لا يَلزَم، ولكن الأزواج لا بُدَّ أن يَكونوا في درَجة أزواجهم، والذُّرِّية ذكَر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في سُورة الطُّور أنهم في درَجة آبائِهم أيضًا، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الطور: ٢١].
وهذا يَدُلُّ على أنَّ الذُّرِّيَّة الذين لم يَبلُغوا مَنازِل آبائهم أنَّهم يُرفَعون حتى يَكونوا في مَنازِل آبائِهم، وأن ذلك لا يَقتَضي نَقْص الآباء من المَنازِل، يَعنِي لا نَقول: إن الحَلَّ الوسَط أن نَرفَع هؤلاءِ قليلًا، ونُنزِل هؤلاءِ قليلًا؛ ولذلك قال:{وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} لئَلَّا يَظُنَّ الظانَّ أنه إذا رُفِعَت الذُّرِّية فإنها تُرفَع قليلًا، ويُنزَل الآباء بمِقدار ما رُفِع هؤلاء؛ ليَلتَقوا في نُقْطة الوسَط، وهذا ليس كذلك؛ لأنه لو نزَل الآباء قليلًا لزِمَ من ذلك أن يُنقَصوا، ولكن الله يَقول:{وَمَا أَلَتْنَاهُمْ}؛ أي: ما نَقَصْناهم، أي: الآباء {مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}[الطور: ٢١].
الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: الاحتِرازُ في الدُّعاء عن التَّعميم؛ لقولهم:{وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ}، ومن ذلك قولُ إبراهيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:{وَارْزُقْ أَهْلَهُ}؛ أي: أهل المَسجِد الحَرام، {مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، أهله، ثُمَّ أَبدَل منها قوله:{مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فاحتَرَز.
ولكن الله تعالى قال:{وَمَنْ كَفَرَ} يَعنِي: ارزُقْ مَن في هذا البلَدِ، ولو كانوا كُفَّارًا، لكن:{وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[البقرة: ١٢٦].
المُهِمُّ: أنه يَنبَغي للإنسان في الدُّعاء أن يَحتَرِز من التَّعميم الذي قد يَتَناوَل مَن