ثُمَّ قال:{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ} في الأَوَّل قال: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}، وهنا قال:{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ} فنَقولُ: كرَّر هذا الوَصْفَ لهذا الرجُلِ لطول الحديث والفَصْل، قال:{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ} أمَّا اختِلاف الجُمْلتين فإنَّ الثانية تُؤكِّد الأُولى، بأنَّ هذا الرجُلَ قدِ اصطَبَغ بالإيمان، وحَقَّق الإيمان.
وقوله:{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ}{يَاقَوْمِ} يَعنِي بذلك: فِرعونَ وقَوْمه، وهذا من باب التَّلطُّف في المَقال، {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} يَعنِي: الطَّوائِف السابِقة، وكأنَّ هذا الرجُلَ مُلهَم، عندَه عِلْمٌ بأَحْوال الأُمَم السابِقين، وسيَأتِي -إن شاء الله- الكَلام على فائِدةِ هذه الجُمْلةِ.
وقوله:{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ}{يَاقَوْمِ} مَعروف أنَّ ياءَ النِّداء إذا دخَلَت على نَكِرة مَقصودة، فإنها تُبنَى على الضَّمِّ، كما إذا دخَلَت على مَعرِفة، وهنا لم تَكُن مَبنيَّة على الضَّمِّ، بل آخِرها الكَسْر، فيُقال: إن أَصلَها (يا قَوْمي)، ولكن