للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٨٣)]

* قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر: ٨٣].

ثم قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ} هذا الذي أتَى بعد ذِكْر تَدميرهم هو في الحقيقة عَوْد إلى شَرْح ما حصَل، فإن الله أَرسَل إليهم الرُّسُل بالبَيِّنات الواضِحة، وأَنزَل الكُتُب، ولكن {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [المُعجِزات الظاهِرات]، والصواب أن يَقول: الآيات البَيِّنات. هو رَحِمَهُ اللهُ جعَلَ البَيِّنات بمَعنَى: الظاهِرات، وهذا حَقٌّ، وجعَل البَيِّنات صِفة لمَوْصوف محَذوف تَقديرُه: المُعجِزات، وهذا فيه نظَرٌ، بل يُقدَّر: الآيات، وذلك لأن المُعجِزات لم تَرِد في الكِتاب والسُّنَّة محَلَّ الآيات أبَدًا.

وأيضًا المُعجِزات تَكون من الرُّسُل وغير الرُّسُل، فالسحَرة مثَلًا تَأتِي لهم الشَّياطين بالمُعجِزات، لكن الآيات يَعنِي: العَلامات الدالَّة على صِدْقهم. هذه أَبلَغُ؛ ولهذا إذا وجَدْتم في الكُتُب - وما أكثَرَ ما تَجِدون المُعجِزاتِ، أو مُعجِزات الأنبياء، أو ما أَشبَه ذلك - فاضرِبوا عنها صَفْحًا وقولوا بدَلها: الآيات. كما قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: الآيات. والآياتُ -كما قُلْت - أدَقُّ من كلِمة المُعجِزات؛ لأن المُعجِزاتِ يَدخُل فيها ما يَعجِز البشَر ممَّا تَصنَعه الشياطينُ مع السحَرة وغيرهم.

<<  <   >  >>