قال الله تبارَكَ وتعالى:{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا}{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ} يَعنِي: يَذكُر إذ يَتَحاجُّون في النار؛ أي: يُدلِي كلُّ واحِد منهم بحُجَّته، و (إذ) ظَرْف عامِله محَذوف قدَّره المفَسِّر رَحِمَهُ الله بقوله: [اذكُرْ إِذْ يَتَحاجُّون].
وحَذْف ما يُعلَم كثيرٌ في القرآن وفي اللُّغة العرَبية، لكن التَّرتيب والزَّحْلقة هذا قليلٌ، إلَّا أني قُلتُ: إن الإِخْلال بالتَّرْتيب هنا أَيسَرُ للإنسان؛ لأنه أحيانًا حَقيقة تَرِد عليك آياتٌ لا تَدرِي بما تُقدَّر، إلَّا أن تَقول: إن عرَفْت التَّقدير فاسلُكِ الأَقعَد، وإن لم تَعرِف فاسلُكِ الأَسهَل؛ لتكون مُتَتبِّعًا للرُّخَص -يَعنِي: رُخَص النَّحويين- فلا مانع في هذا، نحن قُلنا قاعِدةً مُفيدة فيما إذا اختَلَف النَّحويُّون في شيء فالصَّواب الأَسهَل.
والمُحاجَّة هي المُخاصَمة وإدلاء كلٍّ بحُجَّته على الآخَر، وقوله:{فِي النَّارِ} يُفيد أن هَؤلاءِ المتخاصِمين هم أهل النار، وهي مُتعلِّقة بـ {يَتَحَاجُّونَ}.