للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثالِث: أن تَكون السلاسِل في الأَرجُل، والخَبَر قوله: {يُسْحَبُونَ}، والمَعنَى: أنهم يُسحَبون بهذه السلاسِلِ، وهذا المَعنَى هو أقرَبُها لظاهِر القُرآن كما قال تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} [القمر: ٤٨]، فهُمْ إذا سُحِبوا على وُجوههم فتَكون السلاسِلُ في الأَرجُل، فهذا أَقرَبُ الاحتِمالات التي ذكَرَها المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ.

وقال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فِي الْحَمِيمِ}؛ أي: جَهَنَّمَ] ووُصِفَت بذلك لأنَّها شَديدةُ الحَرارة، [{ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} يُوقَدون]؛ لأن النار وَقودُها الناسُ والحِجارةُ.

من فوائدِ الآياتِ الكريمة:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: العَجَب من حال هَؤلاءِ المُكذِّبين بالكِتاب وبما جاءَت به الرُّسُل؛ لقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ} وهُمْ -واللهِ- عجَب؛ كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد: ٥].

وإن قال قائِلٌ: {أَلَمْ تَرَ} فسَّرْتم الاستِفْهام أنه استِفْهام تَقريريٌّ، ثُم قُلْتم: من فَوائِده التَّعجُّب، فهل هذا التَّعجُّبُ ليس استِفْهامًا؟

فالجَوابُ: من قوله: {أَنَّى يُصْرَفُونَ}، فقَوْله: {أَنَّى يُصْرَفُونَ} استِفْهام.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الإنسان يُصرَف عن الحَقِّ مع بَيانه ووُضوحه، وهذا يُؤدِّي إلى فائِدة أُخرى، وهي خَوْف الإنسان من أن يُصرَف عن الحَقِّ، ويَنتُج عن ذلك فائِدة ثالِثة، وهي سُؤال الإنسان ربَّه دائِمًا أن يُثبِّتَه؛ ولهذا كان من دُعاء المُؤمِنين: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: ٨]، فيَنبَغي للإِنْسان أن يَكون دائِمًا على خَوْف وأن يَسأَل الله الثَّباتَ دائمًا.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَهديد هَؤلاءِ المُكذِّبين بهذه العُقوبةِ، أن تُغَلَّ أيديهم يوم القِيامة،

<<  <   >  >>