للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} (هم) ضَمير فَصْل وقد سبَقَ لنا أن ضَمير الفَصْل من حيث الإعراب لا مَحلَّ له من الإعراب، فلا يُؤثِّر فيما بَعْده ولا يُؤثِّر فيه ما قَبْله، هذه واحِدة.

وسبَق لنا أن لضمير الفَصْل فَوائِدَ: التَّوْكيد والحَصْر وتمَييز الخبر عن الصِّفة، وضرَبنا لذلك مثَلًا لا حاجةَ للإعادة.

من فوائدِ الآياتِ الكريمة:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: إنكار هذا الرجُلِ المُؤمِن على قَوْمه بما يَشهَد العقل بصِحَّته؛ حيث قال: {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر: ٤١]، وإذا كان العَقْل يَدُلُّ على صِحَّته فهو محَلُّ عجَب، كل إنسان عاقِل يَعجَب أن يَكون هذا الشيءُ، رجُل يَدعو قومه إلى النَّجاة ورجُل يَدعوهم إلى النار.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: مُراعاة الحال في الخِطاب، وجهُه أنه قال: {إِلَى النَّجَاةِ} مع أنه يَدْعوهم إلى الجَنَّة، لكن لمَّا كانت دَعْوتهم إيَّاه إلى الهلاك آثَرَ أن يَقول: إلى النَّجاة؛ وَيلزَم من النَّجاة من النار دُخول الجنَّة.

مسألة: قولُ موسى لفِرعونَ: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: ١٠٢] هل يُستَدَلُّ بذلك على الإغلاظِ في الدَّعْوة؟

فالجَوابُ: هذا الإغلاظُ في مَحلِّه؛ لأنه قال له كلِمة أشَدَّ منها، قال: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: ١٠١] فهَلْ يُغلِظه بالقَوْل وَيسكُت، وموسى عليه الصلاة والسلام مَعروف بالقُوَّة؟ !

فإن قال قائِل: من باب التَّلطُّف الداعِية يَقول أحيانًا: وإني أَكثَرُكم تَقصيرًا،

<<  <   >  >>