قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ} هذا من جملة دُعاء الذين يَحمِلون العَرْش ومَن حولَه، يَقولون:{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ} ربَّنا؛ أي: يا ربَّنا، وكرَّروا النّداء بالربوبية؛ لأنهم كانوا بالأوَّل يَسأَلون الله المَغفِرة لهم، ووِقاية عَذاب الجَحيم، وهذا من باب التَّخلية؛ أي: السلامة ممَّا يَضُرُّ، أمَّا الثاني: فهو من باب التَّحلية؛ أي: من باب حُصول المَطلوب {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ} فتَرَى الجُملة الأُولى من الدُّعاء فيها النَّجاة من المَرهوب، والثانية فيها حُصول المَطلوب، ولهذا كرَّروا قولَهم: ربَّنا.
{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ} وجعَلوا هذه الجُمْلةَ مَعطوفة على ما سبَقَ لا مُستَأْنَفة؛ أي لم يَقولوا: ربَّنا أَدخِلهم. قالوا: وأَدخِلهم؛ لتَحقُّق ما قبلَها؛ لأن العَطْف يَقتَضي ثُبوت المعطوف عليه وكونه أصلًا، فكأنهم قالوا: ربَّنا واجمَعْ لهم مع ما سبَقَ أن تُدخِلَهم جنَّاتِ عَدن.
وقوله:{جَنَّاتِ} جَمعْ جنَّة، والجَنَّة تَأتِي في القُرآن مجموعة وتَأتي مُفرَدة، فباعتِبار الجِنْس هي جَنَّة واحِدة، وباعتِبار الأنواع هي جِنان، ذكَر الله تعالى فيها أربعة