للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} {وَيَوْمَ} هذه مَعطوفة على ما سبَقَ وهي مُتعَلِّقة بـ (نَنصُر) أي: ونَنصُرهم يوم يَقوم الأَشْهاد وذلك يوم القِيامة.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{الْأَشْهَادُ} جمع شاهِد، وهُمُ المَلائِكة يَشهَدون للرُّسُل بالبَلاع وعلى الكُفَّار بالتَّكذيب]، هكذا قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ خَصَّها بالمَلائِكة، والصحيح أنها أَعَمُّ من المَلائِكة، فالمَلائِكة يَشهَدون وهذه الأُمَّةُ تَشهَد على مَن سَبَق، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣]، والجُلود تَشهَد، والجَوارِح تَشهَد، فكلُّ ما ثَبَتَت شَهادته فإنه داخِل في قوله: {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وذلِك يوم القِيامة.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: تَأكيد نَصْر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للرُّسُل والذين آمَنوا؛ لقوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا}.

وفي هَذه الآيةِ شُبْهة استَدَلَّ بها النَّصْرانيُّ يَقول: إن الله ثالِث ثَلاثة. ولي علَيْكم دَليل وهو قوله: {إِنَّا} وقوله: {نَحنُ} وقوله: {نُرِيهِم}، وما أَشبَهَها، مِمَّا يَدُلُّ على الجَمْع، فإِذَن أنا أَقولُ: يَقولُ النَّصرانيُّ: إن الله ثالِث ثَلاثة ولِي حُجَّة. فنُجيبه بقولنا: إنَّك مِمَّن زاغَ قَلْبه؛ لأنك اتَّبَعْت المُتَشابِه، والله عَزَّ وَجَلَّ يَقولُ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: ٧] وترَكْت المُحكَم المُؤكِّد بأن الله واحِد لا شَريكَ له، مِثْل قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ١٦٣]، ومثْل قوله في تَكذيب هَؤلاءِ النَّصارَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: ٧٣].

<<  <   >  >>