للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٩)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} [غافر: ٥٩].

ثُم قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا} هذه الجُملةُ مُؤكَّدة بمُؤكِّدين هما: (إنَّ) واللَّام، ثُم أَكَّد هذا التَّأكيد وهو تَأكيد مَعنَويٌّ، والأوَّل تَأكيد لَفْظيٌّ {لَا رَيْبَ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [شَكَّ] {فِيهَا} أي: في إتيانها ووقوعها، والمُراد بالساعة اليوم الذي يُبعَث فيه الناس، وسُمِّيَ ساعة، لأن الناس يُطلِقون الساعة على الأَمْر الذي يَدهى الناس ويَفجَعهم حتى لا يَشعُرون به.

والرَّيْب فسَّره المفَسِّر بالشَّكِّ، وهو تَفسير قريب، لكن تَجِد فَرْقًا يَسيرًا لطيفًا بينهما؛ أي: بين الرَّيْب والشكِّ، وهو أن الرَّيْب شكٌّ بافتِراض وتَردُّد، فقول القائِلِ: ارْتَاب ليس بالتَّحديد كقوله: شكَّ، بل الِارْتياب يَحمِل قلَقًا واضطِرابًا، فهو إِذَنْ أَخصُّ من الشكِّ، فكُلُّ رَيْب شكٌّ، وليس كل شَكٍّ رَيبًا، لكن العُلماء رَحِمَهُم اللهُ يُفسِّرون الشيء بمُقارِبه.

وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} لا يُؤمِن بإتيان الساعة؛ ولهذا أكَّد لهم إتيانها، ولمَّا كان أَكثَر الناس لا يُؤمِنون بها كان أكثر الناس كافِرين، لأن الإيمان بالساعة له أثَرٌ عَظيم في تَحقيق الإيمان، فإن مَن لا يُؤمِن بالساعة لا يَعمَل،

<<  <   >  >>