ثُم قال الله تعالى مُبيِّنًا نِعمَته على عِباده:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}{اللهُ} مُبتَدَأ، و {الَّذِي} خبَرُه، و {جَعَلَ} بمَعنى: صيَّر، ونَصَبت مَفعولَيْن الأوَّل:{اللَّيْلَ}، والثاني:{لَكُمُ}، والجعْل هنا جَعْل قدَريٌّ وليس جَعْلًا شَرعيًّا {جَعَلَ لَكُمُ} اللَّام هنا للتَّعدِية مع التعليل، وقوله:{لِتَسْكُنُوا فِيهِ} اللَّام للتَّعليل والسكون ضِدُّ الحرَكة وضِدُّ العمَل، وهو شامِل لسُكون الجَوارِح، وسُكون القَلْب، وسُكون النَّفْس؛ ولهذا يَجِد الإنسان إذا تَعِب ثُم نام يَجِد أن نَشاطه يَستَجدُّ ويَزداد.
وقوله:{وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} يَعنِي: وجعَل النهار مُبصِرًا، هذه مَعطوفة على {اللَّيْلَ}؛ أي: جعَل النَهار مُبصِرًا، وإسناد الإبصار إلى النهار؛ لأنه مَوْضِعه؛ أي: مَوضِع إبصار الناس؛ ولهذا قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[إسناد الإِبْصار إليه مجَازِيٌّ؛ لأنه يُبصَر فيه] فهو زمَن الإِبْصار {وَالنَّهَارَ} محَلُّ عمَل وبصَرها.
ثُم قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} أكَّد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كونَه ذا