للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢١)]

* قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} [غافر: ٢١].

* * *

قوله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} هذا النَّظْمُ مَوجود في القرآن كثيرًا، أن تَأتِيَ أداة الاستِفْهام وبعدها حَرْف العَطْف ثُم الجُملة، وقد اختَلَف المُعرِبون في كيفية إعراب هذا النَّظْمِ وهذا التَّرْكيبِ، فقال بعضُهم: إن التَّقدير: وألَمْ يَسيروا في الأرض؛ فتَكون الواو عاطِفة على ما سبَقَ، وتَكون الهَمزة داخِلة على جُملتها، مُصَدَّرَةً الجُملةُ بها، وهذا القولُ لا يَحتاج إلى تَقدير، لكنه يَرِدُ عليه أنَّ الهمزة مُتقدِّمة على حرف العَطْف، فأَجابوا عن ذلك بأن الهَمْزة مُقدَّمة، وقالوا: إنَّ تَقديمها في مِثْل هذا سائِغ.

والقول الثاني للمُعرِبين: أن الهَمْزة داخِلة على شيء مُقدَّر، وأنَّ حرف العَطْف عاطِف على ذلك المُقدَّرِ، وحينئذٍ نَحتاج إلى تَعْيين ذلك المُقدَّرِ، ولا يُعيِّنه إلَّا السِّياق؛ فيُقدَّر ذلك المَحذوفُ بحَسب ما يَقتَضيه السِّياق، فمثَلًا: يُقال: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} أَفرَطوا ولم يَسيروا في الأرض، أو: أَغفَلوا ولم يَسيروا في الأرض، أو ما يُؤدِّي إلى هذا المَعنَى.

وقوله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} هل المُراد سَيْرُ القُلوب بالنظَر والتَّأمُّل والتَّفكُّر، أو المُراد سَيْر الأقدام، حتى يَقِف الإنسان على ما حصَل للأُمَم السابِقة بعيني رأْسِه؟

<<  <   >  >>