للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {لِلَّهِ} اللَّام هنا للاختِصاص والاستِحْقاق، للاختِصاص لأن الحمد المُطلَق لا يَصِحُّ إلَّا لله وحدَه، والاستِحْقاق لأن المُستَحِقَّ للحمد حَقيقة هو الله عَزَّ وَجلَّ، المخلوق وإن استَحَقَّ الحمد لكنه ليس استِحْقاقًا حَقيقيًّا؛ لأن كلَّ شيء يَأتيك من المَخلوق، أو كلَّ كَمال في المخلوق فمِن الله، فأنا أَحمَد المَخلوق عندما يُحسِن إليَّ، أو عندما أَرَى فيه صِفاتِ كَمال أَحمَدُه، لا لأنه هو المُستَقِلُّ بذلك ولكن لأنه السبَب.

إِذَنِ: اللَّام هنا {لِلَّهِ} للاستِحْقاق والاختِصاص.

وقوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} الرَّبُّ هو الخالِق المالِك المُدبِّر، يَعنِي: كلِمة (رب) المُضافة إلى الله عَزَّ وَجلَّ أو التي وُصِف بها الله تَتَضمَّن ثلاثة مَعانٍ: الخَلْق، والمُلْك، والتَّدْبير، فالله عَزَّ وَجَلَّ هو الخالِق لكل شيء، وهو المالِك لكل شيء، وهو المُدبِّر لكل شيء، حتى المُشرِكون يُقِرُّون بهذا {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ} [يونس: ٣١].

وقوله: {الْعَالَمِينَ} قال العُلَماء: العالَم كلُّ مَن سِوى الله، وسُمُّوا عالمًا؛ لأنهم علَم على خالِقهم جَلَّ وَعَلَا، إِذْ إن في كل شيء من هذه المَخلوقاتِ آيَة تَدُلُّ على عظَمة الربِّ وقدرته، وغير ذلك ممَّا تَقتَضيه مَعانِي الرُّبوبية.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: ثُبوت الحَياة المُطلَقة لله عَزَّ وَجلَّ؛ لقوله: {هُوَ الْحَيُّ}، وحَياة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى كامِلة من كل الوُجوه، فهي كامِلة؛ لأنها لم يَسبِقْها عدَم، كامِلة

<<  <   >  >>