للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} {لِمَنِ الْمُلْكُ} هذه مَقول قَوْلٍ مَحذوف، التَّقدير: يُقال: لمَنِ المُلْكُ اليومَ. والقائِل هو الله - عَزَّ وَجَلَّ -، فإنَّه تعالى يَقبِض السمواتِ بيَمينه وبيَدِه الأُخرى الأرض، ويَهُزُّهُنَّ ويَقول: أنا الملِك، أين مُلوك الدُّنْيا؟ ! ويَقول أيضًا: لمَنِ المُلْك اليومَ؟ فيُجيب نَفْسَه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.

قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [يَقوله الله تعالى ويُجيب نَفْسه {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}؛ أي: لِخَلْقه] فقوله: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} خبَرُ مُبتَدَأ مَحذوف، التَّقدير: المُلْك لله الواحِد القهَّار، والواحِد يَعنِي: الذي لا ثانِيَ له، لا في ذاته، ولا في أفعاله، ولا في أَحكامِه، ولا في صِفاتِه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.

وقوله: {الْقَهَّارِ} صِيغة مُبالَغة من القَهْر، وهو الغَلَبة، فهو قهَّارٌ لكُلِّ شيء، والمفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ - قال: [أي: لخَلْقه].

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن الناس يَبرُزون يومَ القِيامة لا يُظِلُّهم شجَر، ولا مدَر، ولا بِناء، ولا جبَل، ولا غير ذلك؛ لقوله: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنهم في ذلك اليومِ لا يَخفَى على الله منهم شيء؛ لأنه مُحيط بهِم عِلْمًا وقُدرة وسُلطانًا.

فإن قال قائِل: هل يُستَثنى من قوله: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} أحَدٌ؟

فالجَوابُ: نعَمْ، يُستَثنى مَن يُظِلُّهم الله في ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه، وهُمْ سبعة، بل هُمْ أكثَرُ، بلَغوا إلى واحِد وعِشرين رجُلًا، لكنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جمَع سبعة في حديث واحِد، وهو حديث مَشهور مَعروف: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ:

<<  <   >  >>