ثُمَّ قال تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ} هذا من كلام الرَّجُل المُؤمِن المُحذِّر، قال:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ} الجُمْلة هنا مُؤكَّدة بثَلاثة مُؤكِّدات؛ باللَّام، و (قَدْ)، والقَسَم، وكلَّما جاءَتْك صيغة كهَذه فإنها مُؤكَّدة بثلاثة مُؤكِّدات، اللَّام و (قد) والقَسَم؛ لأنَّ تَقدير الكَلام: والله لقد جاءَكم. وقوله:{يُوسُفُ} المُراد به يُوسُفُ بنُ يَعقوبَ.
فإن قال الإنسان: كيفَ يُخاطِبهم فيَقول: {جَاءَكُمْ} ويُوسُفُ بنُ يَعقوبَ عليهما الصلاة والسلام قبلهم بأزمان كثيرة؟
فيُقال: إن ما حصَل للأَسلاف فهو للأَخْلاف؛ يَعنِي: أنَّ ما جاء أَسلافَهم فهو كالذي جاءَهُم.
ودليلُ ذلك أنَّ الله يُخاطِب بني إسرائيلَ في عَهْد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بما حصَل لأَسْلافهم في عهد مُوسَى، وبينهم قُرون كَثيرة؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ