للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥١)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١].

* * *

ثُم قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} إلى آخِره الجُمْلة هذه مُؤكَّدة بمُؤكِّدين أحدُهما (إنَّ) والثاني اللَّام، وقوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ} أَتَى بصيغة التَّعظيم؛ لأن المَقام يَقتَضيه إِذْ إن النَّصْر لا بُدَّ أن يَكون من قويٍّ، ولم يَقُل جلَاّ وَعَلَا: أنا أَنصُر. قال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ}؛ لأن المَقام يَقتَضي العظَمة والقُدْرة والقُوَّة {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [غافر: ٥١] رُسُلنا جمع رَسول، وهم كل الرُّسُل؛ لأن (رُسُل) جَمْع مُضاف، وجمع المُضاف يَكون للعُموم.

وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} مَعطوف على {رُسُلَنَا} أي: ونَنصُر الذين آمَنوا بما يَجِب الإيمان به، والإيمان هو الإقرار المُستَلزِم للقَبول والإِذْعان.

فمَن أنكَر فليس بمُؤمِن، ومَن أَقَرَّ ولم يَقبَل فليس بمُؤمِن، ومَن أَقَرَّ ولم يذعِن فليس بمُؤمِن، فأبو طالِب مثَلًا مُقِرٌّ برِسالة الرسول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ولكنه لم يَقبَل ولم يُذعِن فلا يَكون مُؤمِنًا، فالذين آمَنوا همُ الذين أَقَرُّوا بقُلوبهم وأَذعَنوا واستَسْلَموا بجَوارِحهم وقبِلوا ما أَخبَرَت به الرُّسُل، هؤلاءِ هُمُ المُؤمِنون.

وقوله: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} مُتعَلِّق بـ (نَنصُر) أي: نَنصُرهم في الحياة الدنيا.

<<  <   >  >>