للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: حُسْن خِطاب هذا الرجُلِ المُؤمِن، حين تَلطَّف في الدَّعوة إلى الله عَزَّ وَجلَّ بقوله: {يَاقَوْمِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنه يَنبَغي للداعِية أن يُذكِّر المَدعُوِّين بنِعْمة الله عليهم، حتى يَخضَعوا ويَشكُروا هذه النِّعْمة، بقوله: {لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: حُسْن احتِراز هذا الرجُلِ المُؤمِن؛ لقوله: {لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} يَعنِي: وأمَّا في المُستَقبَل قد يَزول مُلكُكم، لكِنِ اشكُروا النِّعْمة الحاضِرة.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الاعتِبار في الحال بما هي عليه الآنَ، أمَّا المُستَقبَل فقد تَتَغيَّر الأَحْوال، لكن نحن مخُاطَبون ومَأمورون أن نَنظُر إلى الحال الحاضِرِ الآنَ.

يَتفرَّع على هذه المَسأَلةِ مَسأَلة اجتِماعية: وهي أنَّ بعض الناس يَخطُب ابنتَه رجُلٌ غيرُ مُستقيم يَعنِي: ليس كافِرًا، لكنْ فاسِق يَشرَب دُخَانًا، أو حَلَق لِحْيته، أو رِبًا، أو ما أَشبَه ذلك، فيَأخُذه الطَّمَع ويَقبَل الخِطْبة، ثُم يَقول: لعَلَّ الله يَهدِيه، أو لعل هذه البِنتَ المُلتَزِمة تَسعَى في هِدايته، فيقال: نحن لا نَنظُر للمُستَقبَل، المُستَقبَل له الله، بل رُبما أن هذا الرجُلَ يُغوِي المرأة، لأنَّه هو أَقْوى منها جانِبًا؛ فأنت الآنَ مأمور بالنَّظَر إلى الحال الحاضِرة، أمَّا المُستَقبَل فلَسْت مَأمورًا بالنَّظَر إليه، ولا يَجوز أن تَنظُر إليه، لأنه مُستَقبَل وغَيْب، فأنت الآنَ اعرِفِ الحالَ التي أنت عليها، وتَصرَّف على ما هي عليه الآنَ، هذه نَأخُذها من قول هذا الرجُلِ المُؤمِن {الْيَوْمَ}.

فإن قال قائِل: قُلْتم: إن الأَبَ لا يَنبَغي أن يُزوِّج ابنَتَه من فاسِق، فيَقول:

<<  <   >  >>