ثُم قال تعالى:{هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} هذا كالأوَّلِ جُملة استِئْنافية تُبيِّن كَمال قُدْرة الله عَزَّ وَجَلَّ {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}؛ أي: يَجعَل الحياة في الميت، والموت في الحيِّ، هو الذي يُحيِي وُيميت وحدَه، لا أحَدَ يُحيِى وُيميت؛ ولهذا قال إبراهيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ للَّذي حاجَّه في ربِّه:{قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}[البقرة: ٢٥٨].
فلا يُمكِن أن يُحيِيَ أحَدٌ ميتًا، ولا أن يُميت حيًّا، فإن قيل: ألَيْس عِيسى ابنُ مَريمَ يُحيِي الموتى؟ قُلنا: بلى، ولكن بإِذْنِ الله بنَفْس الآية يُحيِي المَوْتى بإِذْن الله، فإن قيل: أَلَيْس الرجُل يَقتُل الآخَر وهو حيٌّ فيَموت؟ قلنا: بلى، لكن ما فعَله فهو سبَب الموت، وليس هو الإِماتة، وكثيرًا ما تُقطَع أوداجُ الإنسان ويُشَقُّ بَطْنه ثُم يَبقَى حيًّا ويَحيا.
فالحاصِلُ: أن الإِحياء والإماتة بيَدِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا قضَى أَمْرًا أَراد إيجاد شيء فيَقول له: كُنْ. فيَكونُ، أمرًا هنا بمَعنى: شَأْن؛ أي: فهو واحِد الأمور، وليس