الناس؟ لا، وأَقول لكم هذا، لِئَلَّا تُورِدوا على أن الله تعالى قد يُهلِك الطائِعِين بذَنْب العُصاة {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال: ٢٥]؛ لأن هَؤلاءِ الطائِعين مُكلَّفون بإنكار المُنكَر، ثُم إذا أُهلِكوا تَأدَّب بِهِم مَن سِواهم بخِلاف مَسأَلة قرية النَّمْل.
من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيان حال الذين يُجادِلون في آيات الله، وأنه ليس لهُمْ دَليل فيما يُجادِلون به، ثُم إن الجِدال في آيات الله يَنقَسِم إلى قِسْمين:
وجِدالٌ بالعَكْس لإثبات الباطِل وإبطال الحَقِّ، وهذا هو المَذْموم، وعليه تَتَنزَّل مِثْل هذه الآياتِ الكَريمةِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثباتُ آيات الله عَزَّ وَجَلَّ وهي كما قُلْنا في التَّفْسير شَرْعية وكَوْنية.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الحامِلَ لهؤلاءِ المُجادِلين هو الكِبْر والتَّعالِي؛ لقوله:{إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن هَؤلاءِ لم يَبلُغوا مُرادَهم بما يُجادِلون به؛ لقوله:{مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} وقد أَشارَ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى إلى هذا في قوله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبياء: ١٨]، فتَأمَّل هذه العِباراتِ القَوِيَّةَ {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ} قَذْف وهو الرَّميُ بشِدَّة {فَيَدْمَغُهُ}؛ أي: يَصِل إلى أُمِّ دِماغه فإذا هو زاهِق فيَموت في الحال؛ لأن (إذا) فُجائِيَّة، و (إذا) الفُجائِيَّة