الْفَائِدَةُ الأُولَى: مِنَّة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى على موسى - صلى الله عليه وسلم -؛ حيثُ آتاه الهُدَى، وهذه أَعظَمُ مِنَّة يَمُنُّ الله بها على العَبْد أن يُعطِيَه الهُدَى يَهتَدِي به بنَفْسه ويَهدِي به غيره.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تَأكيد رِسالة مُوسى من قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا} وعلى هذا فيَجِب علينا أن نُؤمِن بأن مُوسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن إلى قَوْمه كما قال النَّبيُّ:"وَكانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً"(١) لكن نُؤمِن بأنه رسول حقٍّ، وأنه جاء بالهُدَى والنُّور.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: مِنَّة الله على بني إسرائيلَ؛ حيث قال:{وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ}، ولكن هل هَؤلاءِ الَّذين أُورِثوا الكِتاب قاموا به؟
الجَوابُ: لا، لم يَقوموا به، بل كانوا عُتاةً ظلَمة، حتى في عَهْد نَبيِّهم لم يَقوموا به، لمَّا قال لهم:{يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}[المائدة: ٢١] ماذا قالوا؟ {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ}[المائدة: ٢٢] إلى أن قالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا}[المائدة: ٢٤]، أمَّا نحن فإنَّا قاعِدون، مع أنه وَعَدهم بها، قال الأرض التي كتَب الله لكم، لكِنَّهم كذَّبوا الخَبَر واستكْبَروا عن الأَمْر، فهم -أَعنِي: بني إسرائيلَ، ولا سِيَّما اليَهود منهم- أَخبَثُ أهل الأرض، وأَعتَى أهل الكُفْر، لم يَشكُروا نِعْمة الله عليهم بهذه النِّعْمةِ، أمَّا هذه الأُمَّةُ فقال الله تعالى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} وهُم هذه الأُمَّةُ
(١) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، رقم (٤٣٨)، ومسلم: كتاب المساجد، باب جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، رقم (٥٢١)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.