ثُم قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا} هذا بدَل من قوله: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ} أو عَطْف بَيان، والفَرْق بينهما أن عَطْف البَيان يُشبِه الصِّفة في بَيان المُبدَل منه، وأمَّا البدَل فقد يَكون بدَلًا مجُرَّدًا عن الصِّفة، فمثَلًا إذا قُلْت: جاء زَيْد أَخوك. أخوك هنا بدَل لم يَستَفِد منها شيئًا كثيرًا، لكن إذا جاء عَطْف البيان مِثْل هذه الآيةِ:{الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ} فقَدِ استَفَدْنا منها مَعنًى هو إلى الصِّفة أَقرَبُ منه إلى البدَلية؛ فلهذا يُسمُّونه عطْفَ بَيان {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ}؛ أي: قالوا إنَّه كذِبٌ. والكِتاب هنا محُلًّى بـ (أل)، فهل هي للعَهْد، أو للاستِقْرار، أو للجِنْس؟ أَقرَبُ شيء أنها للجِنْس، والمفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ جعَلها للعَهْد فقال:[القُرآن] ولا شَكَّ أنه لا يَجوز العُدول عن الجِنْس أو بَيان الحَقيقة، لا يَجوز العُدول عن ذلك إلَّا بدَليل.
فما هو الأصل في (أل) أن تَكون لبَيان الحَقيقة أو لبيان الجِنْس أو للعَهْد؟
الجواب: لبَيان الجِنْس؛ لأن بيان الجِنْس يَعنِي: الاستِغْراق، وهذا هو الأصل،