للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يَقُولُ لَهُ} على كلامِه. أي: يُريد أن يَكون فكان، ولا شَكَّ أن هذا تَحريف للكلِمِ عن مَواضِعه، نَسأَل الله تعالى أن يَعفُوَ عمَّن حرَّفه بحُسْن نِيَّة، والمفَسِّر لا نَعتَقِد فيه -إن شاءَ الله- إلَّا الخيرَ، لكنه أَخطَأ في هذا، والصواب أنه يَقول قولًا مَسموعًا يَسمَعه المُوجَّهُ إليه، فيَمتَثِل أَمْر الله عَزَّ وَجَلَّ.

فإن قال قائِل: البعض يَقول: سُبحانَ مَن أَمْره بين الكاف والنون، فهل هذا صحيح؟ .

فالجوابُ: ليس بصحيح، فأَمْره بعد الكاف والنون {كُنْ} فهو يَكون بعد الكاف والنون. يَعنِي: أَمْره هنا بمعنى: مَأمور، فإن كان الأَمْر هو الفِعْل فهو قبل الكاف والنون، وإن كان الأَمْر هو مَأموره فهو بعد الكاف والنون.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيانُ أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذي يُحيِي ويُميت، وهذا من تمَام رُبوبيته.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الإحياء والإماتة ليسَتْ صَعْبة عليه، لقوله: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الرَّدُّ على مُنكِري البَعْث الذين قالوا: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} وجهُه أنه إذا قَضَى البَعْث يَقول: {كُنْ فَيَكُونُ} ولهذا قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} [يس: ٧٧ - ٨٠]،

<<  <   >  >>