للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: ١٣ - ١٤] سُبحانَ الله! ما أَعظَمَ قُدرةَ الله! كلِمة واحِدة بها تَكون الأشياءُ كلُّها، كما أَراد الله عَزَّ وَجَلَّ تَكون كما أَراد الله، وليُنتَبه للنُّقْطة الأخيرة: "تَكون كما أَراد الله" وإن كان هذا المَأمورُ لا يَعلَم به لكِن لا بُدَّ أن يَكون كما أَراد الله؛ فلمَّا قال القلَمُ: ربِّي ماذا أَكتُبُ؟ قال: اكْتُبْ مَا هُوَ كائِنٌ إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ، وماذا فعَل؟ كتَبَ ما هو كائِن إلى يوم القِيامة، لأنه لا يَعلَم، لكن أُمِر فلا بُدَّ أن يَمتَثِل، قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ١١]، لا إكراهَ، بل طَوْع.

إِذَنْ نَقول: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا} أي: بإيجاد شيء، أو إِعْدام شيء {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} الفاء في قول: {فَإِنَّمَا} رابِطة للجَواب -جَواب إذا- وهي تَدُلُّ على التَّعقيب، وقوله: {كُنْ فَيَكُونُ} بدون تَأْخير؛ لأن الفاء هنا للتَّعْقيب، قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بضَمِّ النُّون وفَتْحها بتَقْدير (أَنْ)].

إِذَنْ فيها قِراءَتان: {كُنْ فَيَكُونُ} "كُن فَيَكُونَ" فعَلى القِراءة الأُولى تَكون الفاء للاستِئْناف، وعلى الثاني تَكون الفاء فاءَ السَّبَبية التي يَنتَصِب بعدها الفِعْل، وهي مَعروفة في عِلْم النَّحْو، قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بتَقْدير (أن) أي: يُوجَد عَقِب الإرادة التي هي مَعنَى القَوْل المَذكور]، اللَّهُمَّ اعفُ عن هذا المفَسِّر، يَقول: عقِب الإرادة التي هي بمَعنَى القول المَذكور، يُريد أن يَنفيَ بذلك القولَ يَعنِي: أن قوله: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} إِنَّما يُريد أن يَقول؛ لأنه عفا الله عنه. يُريد أن يَنفِيَ قول الله عَزَّ وَجَلَّ فإن مَذهَبه مَذهَبُ الأشاعِرة الذين يَقولون: إن الكلام هو المَعنَى القائِم بالنَّفْس، وليس شيئًا يُسمَع، وليس تَوجيهًا يُصدَر إلى المُوجَّه إليه، مع أن الآية صَريحة {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ} قول صَريح مَصدَر، نعَمْ {كُنْ فَيَكُونُ} نَقول: مَعنَى

<<  <   >  >>