للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"صلَّى بِنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِحْدى صَلاتَيِ العَشِيِّ" (١)؛ فالعَشيُّ ما بعد الزَّوال، والإِبْكار ما قبل الزَّوال.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [الصَّلَوات الخَمْس]؛ لأن العَشيَّ يَشمَل الظُّهْر والعَصْر والمَغرِب والعِشاء، والإبكار الفَجْر {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} والصَّواب ما قُلنا: أن المُراد بالتَّسبيح هنا ما هو أَعَمُّ من الصلَوات.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: الأَمْر بالصَّبْر، وهو هنا للوُجوب، والصَّبْر ثلاثة أنواع - كما قالَه العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ -: صَبْر على طاعة الله، وصَبْر عن مَعْصية الله، وصَبْر على أقدار الله المُؤلمِة؛ والأوَّل هو الأكمَلُ، ثُم الثاني، ثُم الثالِث.

فالصَّبْر على طاعة الله أن يَفعَل الإنسان الطاعة على الوَجْه الذي شرَعه الله عَزَّ وَجَلَّ بدون تَضجُّر وبدون تَكرُّهٍ، بل ومُستَسْلِم لها غاية الاستِسْلام، هذا الصَّبْرُ على طاعة الله.

أمَّا الصَّبْر عن مَعصية الله أن يَحبِس نفسَه عن مُباشَرة المَعاصِي فلا يَفعَلها، بل يَصبِر ولو شَقَّ عليه ذلك.

والثالث الصَّبْر على أَقْدار الله، يَعنِي: على ما يُقدِّره الله عليه من البَلاء في بدَنه، أو عَقْله، أو فِكْره، أو أَهْله، أو ماله، أو مجُتَمَعه يَصبِر ويَحبِس نَفْسه عن التَّسخُّط بالقَوْل، عن التَّسخُّط بالأَرْكان أو اللِّسان أو بالجَنان، التَّسخُّط بالجنان أن يَكون


(١) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد، رقم (٤٨٢)، ومسلم: كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له، رقم (٥٧٣).

<<  <   >  >>