ثُمَّ قال تعالى:{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}{الْيَوْمَ}: ظَرْف مُتعلِّق بـ {تُجْزَى}، والظَّرْف والجارُّ والمجرور لابُدَّ لهما من مُتعلَّق؛ لأنهما لا يَقَعان إلَّا مَعمُولَين أو مَعمولًا فيهما؛ لذلك لابُدَّ لهما من عامِل يَتَعلَّقان به.
قال:{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}{تُجْزَى} أي: تُكافَأ؛ لأنَّ الجَزاء بمَعنَى المُكافَأة، جازَيْته على عمَله؛ أي: كافَأْته عليه، فمَعنى {تُجْزَى} أي: تُكافَأ، {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} من خَيْر وشَرٍّ، ولكِنَّ هذا الجزاءَ في الآخِرة يَختَلِف عن جزاءات الدنيا التي يُجازَى بها الناس بعضُهم من بعض.
وقوله:{لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}{لَا ظُلْمَ}(لا) نافِية للجِنْس، و {ظُلْمَ} اسمُها، قال أهل النَّحْو: والنَّفيُ للجِنْس يَنفِي هذا الجِنْسَ مُطلَقًا. أي: قليلَهُ وكثيرَهُ، واحِدَهُ ومُتعَدِّدَهُ، ولهم (لا) أُخرى يُسمُّونها نافِيةَ الوحدة، ونافِية الوحدة لا تَعمَل عمَل (إنَّ)، بل تَعمَل عمَل (ليسَ)، تَقول: لا رجُلٌ في الدار؛ أي: ليس في الدار رجُل واحِد، بل ثلاثة رِجال مثَلًا، أمَّا إذا أَرَدْت الجِنْس فقُلْ: لا رجُلَ في الدار؛ أي: لا واحِد ولا مُتعَدِّد.