ثُم قال الله تعالى:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} أَعوذُ بالله! وقد كانوا اقتَرَحوا أن يَقتُلوا أبناءَ بني إسرائيلَ، وَيستَحوا نِساءَهم، لكِنَّ فِرعونَ قال:{ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} اترُكوني أَقتُل موسى. وإنما قال هذا؛ لأن موسى هو زَعيم بني إسرائيلَ، ومَعلوم أنَّ قَتْل الزعيم يُوجِب وهَن الأَتباع وضَعْفهم.
وفي قوله:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} اترُكوني، دليلٌ على تمَويه فِرعونَ، وأنه رجُل مُموِّه كائِد، خَبيثٌ كأنَّه يَقول: إن الناس يُمسِكُونني عن قَتْل موسى، ولولا أن الناس يُمسِكوني لقَتَلته. فتقول: اترُكوني عليه، اترُكوني أَقتُله. مع أنه لا أَحَدَ يَستَطيع أن يَرُدَّه عن مُراده؛ لأنه يَقول لهم:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات: ٢٤] , لكن يُموِّه {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} و {أَقْتُلْ} مجَزوم على أنه جَوابُ الأمر {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} وجَوابُ الأمر يَكون مَجزومًا، وهل هو مجَزوم به، أو بشَرْط مُقدَّر؟ على قولَيْن:
القولُ الأوَّلُ: إنه مجَزوم به.
والثاني: إنه مَجزومٌ بشَرْط مُقدَّر، والتَّقدير: إن تَذَروني أَقتُل موسى، والقاعِدة