للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِندنا في التَّفسير، وفي الحَديث: أنه إذا دار الكَلام بين التَّقدير وعدَمه فالأصل عدَمُ التَّقدير، وعلى هذا فنَقول: {أَقْتُلْ} فِعْل مُضارع مَجزوم على أنه جوابُ الأمر، وعَلامة جَزْمه السُّكون.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَقْتُلْ مُوسَى}؛ لأنهم كانوا يَكُفُّونه عن قَتْله] بنَى المفَسِّر رَحمَهُ اللَّهُ قوله هذا على ظاهِر اللَّفْظ، أنهم كانوا يَكُفُّونه، ويَقول: ذَروني أَقتُله، ولكن الذي نرى: أنَّه كَذَّاب لم يَكُفَّه أحدٌ عن قَتْله، ولا يَستَطيع أحدٌ أن يَكُفَّه عن قَتْله أبدًا، لكن هو أَراد أن يُمَوِّه؛ لأنه لا يَستَطيع أن يَقتُل موسى؛ فادَّعى أنه -أو تَظاهَر بأنه- يُكَفُّ عن قَتْله، وَيقول: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى}.

قال: {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} تحدٍّ - والعِياذ بالله-، والواو حَرْف عَطْف، واللَّام لام الأَمْر، و"يَدْعُ": فِعْل مُضارع مجَزوم بلام الأمر، وعلامة جَزْمه حَذفُ الواو، والضَّمَّة قبلها دليلٌ عليه، وأصلُ "يَدْعُ": "يَدعو".

وقوله: {أَقْتُلْ} و {وَلْيَدْعُ} هذا تحدٍّ سافِرٌ لموسى ومَن أَرسَله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، يَعنِي: إن كان صادِقًا؛ فلْيَدعُ هذا الربَّ الذي أَرسَله، قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ليَمْنَعه مِنِّي].

وقوله: {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} ذكَرْنا لكم أنَّ اللَّام لامُ الأمر، وهي ساكِنة، فبعد الواو والفاء و (ثُم) تكون ساكِنة، قال الله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ} [الحج: ١٥] , وقال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: ٢٩] , وهنا قال: {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ}.

وقوله: {رَبَّهُ} ولم يَقُل: رَبَّنا؛ لأنه لا يَعتَرِف ظاهِرًا برُبوبية الله، وإنَّما أَضاف

<<  <   >  >>