للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأَخْبار كلُّها صادِقة ليس فيها شيء كذِب، القِصَص كلُّها نافِعة {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [يوسف: ٣].

من فوائِد الآيتين الكريمتين:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: إثبات الرُّبوبية لله عَزَّ وَجَلَّ على كل شيء، أنه رَبُّ كل شيء؛ لقَوْله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الإشارة إلى وُجوب طاعته وعِبادته؛ لقوله: {رَبُّكُمْ} وإذا كان هو الربَّ فهو السَّيِّد، وإذا كان هو الربَّ فهو الذي له السُّلْطان، وإذا كان هو الربَّ فهو الذي له الحَقُّ أن يُعبَد، كل ما يُثبِت الرُّبوبية فهو دَليل على وُجوب الأُلوهية؛ ولهذا يُستَدَلُّ الله عَزَّ وَجَلَّ على المُشرِكين بكَوْنهم يُثبِتون الربوبية ويُنكِرون الأُلوهية، فكُلُّ مَن أَثبَت الرُّبوبية لزِمه أن يُثبِت الأُلوهية.

إذن: تَوْحيد الرُّبوبية مُستَلزِم لتَوْحيد الأُلوهية، وتَوْحيد الأُلوهية مُتضَمِّن لتَوْحيد الربوبية، إذ لا يُمكِن لأحَدٍ أن يَعبُد الله إلَّا وهو يَعلَم أنه ربٌّ أَهْل للعِبادة؛ ولهذا لو قال لك قائِل: هل التَّوْحيدان مُتَلازِمان؟ فقلْ أمَّا توحيد الرُّبوبية فمُستَلزِم لتَوْحيد الأُلوهية، وأمَّا تَوْحيد الأُلوهية فمُتضَمِّن لتَوْحيد الربوبية.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات خَلْق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لكل شيء؛ لقوله: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فلو قال قائِل: استَثْنى العَقْل نفسه فليس خالِقًا لها، فلا يَصِحُّ هذا القولُ؛ لأن نفسه لم تَدخُل أصلًا؛ لأن هناك فاعِلًا ومَفعولًا، والفاعِل لا يُمكِن أن يَدخُل في المَفعول حتى يُستَثْنى منه، فنحن نَقول: الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالى لم يَدخُل في قوله: {كُلِّ شَيْءٍ} أصلًا في هذه الآيةِ؛ لأن الخَلْق، أو إن شِئْت فقُلْ: لأن المخلوق

<<  <   >  >>