للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للعامِل بعدَه؛ أي: مِثْل ذلك الإِثْم يُؤفَك، والإِفْك بمَعنى: الصَّرْف، كذلك، أي: مثل ذلك الإِفْكِ -وهو الإشراك بالله وعدَم شُكْر النِّعَم- يُؤفَك.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي: مِثْل إِفْك هَؤلاءِ إِفْك].

وقوله: {الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} وقوله: {الَّذِينَ} إعرابها على أنها نائِب فاعِل {الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}؛ أي: كانوا يَكفُرون بآيات الله. أي: يَكفُرون. والجَحْد هنا بمَعنى الكُفْر، بدليل أنه تَعدَّى بالباء، وقول المفَسِّر: [{بِآيَاتِ اللَّهِ} مُعجِزاته] هذا لا شَكَّ أنه خطَأ، بل نَقول: {بِآيَاتِ اللَّهِ} دَلالاته التي تَدُلُّ على كَماله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى واستِحْقاقه للعُبودية، فهي آيات وليسَت مُعجِزاتٍ {بِآيَاتِ اللَّهِ}؛ أي: بالدَّلالات التي تَدُلُّ على كَماله وعلى استِحْقاقه للعُبودية وحدَه، وآيات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَوْعان: كونية وشرعية، فالمَخلوقات كلُّها كَوْنية آياتٌ تَدُلُّ على كَماله:

وَفي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ (١)

فكل ما في الكَوْن فإنه شاهِد بكَمال الله عَزَّ وَجَلَّ وقُدْرته وعِزَّته وسُلطانه وغير ذلك.

المُهِمُّ: أن جميع المخلوقات آياتٌ كَوْنية تَدُلُّ على خالِقها وحِكْمته ورحمته، وغير ذلك من كمال الصِّفات.

وآيات شرعية وهي ما جاءَت به الرُّسُل من أحكام عادِلة، وأخبار صادِقة وقِصص نادِرة. هذه آيات شَرْعية التَّكليفات والأوامِر والنواهِي كلُّها عادِلة،


(١) من شعر أبي العتاهية، انظر: ديوانه (ص: ١٢٢)، ومعاهد التنصيص (٢/ ٢٨٦).

<<  <   >  >>