للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقَطْ: أن تَستَعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتَنتَهي (١) -أي تُعرض- فاستَعِذْ بالله ثُم انتَهِ. وبذلِك يَزول عنك هذا البَلاءُ، أمَّا إنِ استَرْسَلت معه فالأَمْر خَطير جدًّا؛ لأنه يَتَفاعَل في نفسك، ويَقوَى حتى يَصِل إلى درَجة الشَّكِّ والارتياب، وحينَئِذٍ تُحرَم من الهِداية، وهذا لا شَكَّ أنه من حِكْمة القُرآن، مثل هذا التَّعبيرِ لئَلَّا يَقَع في نَفْسك مثل ما ذكَر الله عزَّ وجَلَّ، فدَواؤُه بهذَيْن الأَمْرين.

لو أنَّ أَذكَى العالَم حاوَل أن يَجِد دواءً لهذا البَلاءِ ما وجَدَه بهذه العِبارةِ المُختَصَرة السَّهْلة، قال: "فَلْيَستَعِذْ باللهِ ثُمَّ لْيَنْتَهِ" اعرِض عن هذا، اشتَغِلْ بشُؤُونك، وقل: أَعوذُ بالله من الشَّيْطان، فاشتِغالُك بشُؤونك وإعراضُك عنه يُوجِب لك أن تَنساه، وهذا شيء مُشاهَد ومجُرَّب.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: تمَام نُصْح هذا الرجُلِ حينما ذكَّر قومه بما سلَف.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنه يَنبَغي للإنسان أن يَكون لدَيْه عِلْم بما سبَقَ؛ فإن التاريخ عِبَر، سواءٌ في هذه المَسأَلةِ الكَبيرة، أو في المَسائِل الصغيرة، اقْرَأ التارِيخ يَتبَيَّن لك ما قدَّره الله على العِباد، وأن سُنَّة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في السابِقين ستكون في اللاحِقين، أي: أنه يَنبَغي أن يَكون عند الإنسان خِبْرَة بما سبَقَ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن أَعظَمَ رَسولٍ أُرسِل إلى آل فِرعونَ -بعدَ مُوسى- هو يُوسُف؛ ولهذا طُوِيَ ذِكْر مَن بعدَه، والظاهِر -والله أَعلَمُ- أنَّ الله تعالى لا يَدَع هذه


(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم (٣٢٧٦)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، رقم (١٣٤)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>