للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأُمَّة -أَعنِي: أُمَّة فِرعونَ- لا يَدَعهم بلا رَسولٍ من بعد مُوسى - صلى الله عليه وسلم -، الذي له أَزمان كثيرة، لكِنَّهم ليسوا كيُوسُفَ، فنَوَّه بذِكْر - صلى الله عليه وسلم -.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الرُّسُل يَأتون بالبَيِّنات الدالَّة على صِدْقهم ونُبوَّتهم؛ لأنَّ هذا من حِكْمة الله لو أَرسَل الله رَسولًا للناس ليس معه آية، وقال: أنا رَسولُ الله إليكم، آمِنوا بي، وإلَّا فلكُمُ النَّار، فلن يُطيعوه أبَدًا، نَقول: هذا مَجنون، يَعنِي: لا بُدَّ من آية تَدُلُّ على صِدْقه. وقد ثبَتَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَا مِنْ رَسُولٍ بَعَثَهُ الله إِلَّا آتَاهُ مِنَ الْآيَاتِ مَا يُؤْمِنُ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ"، فلا بُدَّ من ذلك.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ الآياتِ التي جاءَتْ بها الرسُلُ آياتٌ بَيِّنة، لا تَخفَى إلَّا على العُميان، ودليلُ ذلك قوله: {بِالْبَيِّنَاتِ} وهُنا ركَّز على الوَصْف دون المَوْصوف؛ لأن الوَصْف أهَمُّ، وهو كون هذه الآياتِ بَيِّنة، لا تَخفَى على أحَد.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ آل فِرعونَ ما زالوا في شَكٍّ حتى مع وُجود يُوسُفَ فهُمْ في شَكٍّ؛ لأنَّ الله تعالى لم يُقدِّر هِدايتهم، فبَقُوا حَيارى، واستَمَرُّوا على الكُفْر.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: بَيان كَراهة الشعوب المُكذِّبة للرُّسُل، لما جاءَت به الرُّسُل؛ كأنهم انتَهَزوا الفُرصة لمَّا هلَكَ يُوسُف، فقالوا: {لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} وهذا يَدُلُّ على أنهم مُتَضايِقون غاية التَّضايُق بوجود يُوسُفَ - صلى الله عليه وسلم -.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أنَّ الإيمان بوُجود الله لا يَكفِي في التَّوْحيد والخَلاص من عَذاب الله، يُؤخَذ ذلك من قولهم: {لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ} فهَؤلاءِ كانوا مُقرِّين بالله ومع ذلك لم يَنفَعهم إقرارُهم بالله، وكذلك الذين بُعِث فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مُقِرُّون بالله {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس: ٣١]، مُؤمِنين

<<  <   >  >>