بالرُّبوبية، تمامًا، وبأن المُدبِّر هو الله، ومع ذلك استَباح النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دِماءَهم، وأموالهم، ونِساءَهم، وذُرِّيَّاتهم، وأرضهم؛ لأن مجُرَّد الإيمان بالله ليس إيمانًا أبَدًا، لا بُدَّ من الإيمان بالله عزَّ وَجَلَّ بوُجوهه الأربعة المَعروفة، وهي: الإيمان بوُجوده، وبرُبوبيته، وبأُلوهِيَّته، وبأَسمائه وصِفاته. لا بُدَّ من هذا، فمَن لم يُؤمِن كذلك فليس مُؤمِنًا بالله.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ إضلال الله عَزَّ وَجَلَّ لا يَكون إلَّا في محَلِّه، أي: فيمَن هو أَهْل للإضلال، لقوله:{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ}.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ مَن لزِمَ حدَّه، وأَيقَن بما يَجِب الإيقان به، فإنه أَبعَدُ الناس عن الإضلال، يُؤخَذ هذا من المَفْهوم، إذا كان الله يُضِلُّ مَن هو مُسرِف مُرتاب، فإنه يَهدِي مَن لزِمَ حَدَّه وأَيقَنَ في أَمْره، وآمَن بذلك {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ}، واللهُ أَعلَمُ.
فإن قال قائِلٌ: هناك إشكال، وهو قوله:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} لماذا لم يَقُل بعد هذا النُّصْحِ: نَسأَل الله لكُمُ الهِداية، أو شيئًا من هذا؟