فإن قال قائِلٌ: قوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} يَهدِيه إلى طريق النَّجاة أصلًا، وكأنَّ الرَّجُلَ يَئس من عدَم قَبولهم النُّصْح. فقال ذلك.
فالجَوابُ: هذا هو الظاهِر، أن الرجُل قد أَيِس، وهذا كقَوْل نُوحٍ - صلى الله عليه وسلم -: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٦ - ٢٧].
فإن قال قائِل: في هذه الآيةِ أنَّ الإسراف يَنقَسِم إلى قِسْمَيْن، هنا فسَّر الإسراف بالمُشرِك، وآية أُخرى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}[الأعراف: ٣١] هنا أيضًا يَنقَسِم إلى قِسْمين؟
فالجَوابُ: غالِب الأشياء تَنقسِم إلى قِسْمين أو أكثَرَ. يَعنِي: أكبَرَ وأصغَرَ ومُتوسِّطٍ؛ فليس المُسرِف في الإشراك كالمُسرِف في خُبْزة يَأكُلها.