للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٦)]

* قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦].

* * *

قال الله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} {يَوْمَ} هذه بدَل من يَوْم الأُولى: {يَوْمَ التَّلَاقِ} يومَ هُم بارِزون، وقوله: {هُمْ بَارِزُونَ} مُبتَدَأ وخَبَر، والجُمْلة في مَحَلِّ جَرٍّ بالإضافة، إضافة {يَوْمَ} إليها.

و{بَارِزُونَ} قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [خارِجون من قُبورهم]، ولكن المَعنى أخصُّ مِمَّا قال، بل المَعنى {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} أي: ظاهِرون، ليس لهم ظِلٌّ يُظِلُّهم، لا من شجَر، ولا حجَر، ولا بيت، ولا غيره؛ لأنَّ البارِز هو الظاهِر الذي لا يَحجُب دونَه شيء، وهم بارِزون في ذلك اليومِ، وتَدنو الشمس مِنهم مِقدار مِيل، ويَعرَق الناسُ في ذلك اليومِ على قَدْر أعمالهم: مِنهم مَن يَصِل العَرَق إلى كَعْبيه، ومِنهم مَن يَصِل إلى رُكْبتيه، ومِنهم مَن يَصِل إلى حِقْوَيْه، ومنهم مَن يُلجِمه العرَقُ إِلجْامًا، على حَسب أعمالهم.

وقوله: {لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} أي: لا يَستَتِر على الله منهم شيء، ولا يُغيب عن عِلْمه منهم شيءٌ، بل هو مُحيط بهم إحاطة تامَّة، كما أنَّه لا يَخفَى عليه شيء في الأرض ولا في السماء من قبلِ ذلك أيضًا؛ لأنَّ الله تعالى مُحيط بكلِّ شيء عِلْمًا، لكن قال هنا: {لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} لأَجْل تَمام التَّخويف.

<<  <   >  >>