للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {لَهُ الدِّينَ}، المراد بالدِّين العمَل، سواءٌ كان عِبادة أم دُعاء، والدِّين يُطلَق على العَمَل، وُيطلَق على جزاء العمَل، فقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: ٦] هذا من باب إطلاق الدِّين على العمَل، وقوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] هذا من باب إطلاق الدِّين على الجَزاء.

ويُقال: (كما تَدينُ تُدانُ) أي: كما تَعمَل تُجازَى، فالدِّين هنا {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} بمعنى: العمَل.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} من الشِّرْك] كما قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ، أن نَدعوَ الله تعالى مُخلِصين له الدُّعاء، وأن نَعبُده مُخلِصين له العِبادة من الشِّرْك، فلا نُشرِك به غيره، لا في دُعائنا ولا في عِبادتنا.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} إخلاصَكم] يَعنِي: ادْعُوا الله مُخلِصين على كل حال، سواء رَضِيَ الكافِرون أم سخِطوا، ومن المعلوم أنهم سوف يَسخَطون، لكن لا يُهِمُّ أن يَسخَطوا علينا إذا أَخلَصنا الدِّين لله، وقول المفَسِّر: [{وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} إخلاصَكم] يَنبَغي أن يُقال: ولو كرِهوا عمَلكم المُخلَص؛ لأن الإخلاص نِيَّة القَلْب، والكافِر إنما يَكرَه ما يَظهَر من عمَل الإنسان، فالمَعنى: ولو كرِه الكافِرون عمَلكم الذي تُّخلِصون فيه لله على رغم أُنوفهم.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: وجوب الإخلاص لله تعالى في الدُّعاء؛ لقوله: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [غافر: ١٤]، ودُعاء غير الله فيما لا يَقدِر عليه المَدعوُّ يُعتَبَر من الشِّرْك، ثُم قد يَكون شِرْكًا أكبَرَ، وقد يَكون شِرْكًا أصغَرَ بحَسب الحال، فمَن دعا قبرًا فهذا شِرْك أكبَرُ،

<<  <   >  >>